سورة الفرقان - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الفرقان)


        


{والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر} أي لا يشركون {ولا يقتلون النّفس التي حرّم الله} أي حرمها يعني حرم قتلها {إلاّ بالحقّ} بقود أو رجم أو ردة أو شرك أو سعي في الأرض بالفساد، وهو متعلق بالقتل المحذوف أو ب {لا يقتلون} {ولا يزّنون} ونفى هذه الكبائر عن عباده الصالحين تعريض لما كان عليه أعداؤهم من قريش وغيرهم كأنه قيل: والذي طهرهم الله مما أنتم عليه {ومن يفعل ذلك} أي المذكور {يلق أثاماً} جزاء الإثم {يضاعف} بدل من يلق لأنهما في معنى واحد إذ مضاعفة العذاب هي لقاء الآثام كقوله:
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا *** تجد حطباً جزلاً وناراً تأججا
فجزم (تلمم) لأنه بمعنى (تأتنا) إذ الإتيان هو الإلمام. {يضعّف} مكي ويزيد ويعقوب. {يضعّف} شامي {يضاعف} أبو بكر على الاستئناف أو على الحال ومعنى يضاعف {له العذاب يوم القيامة} أي يعذب على مرور الأيام في الآخرة عذاباً على عذاب. وقيل: إذا ارتكب المشرك معاصي مع الشرك عذب على الشرك وعلى المعاصي جميعاً فتضاعف العقوبة لمضاعفة المعاقب عليه {ويخلد} جزمه جازم {يضاعف} ورفعه رافعه لأنه معطوف عليه {فيه} في العذاب {فيهي} مكي وحفص بالإشباع. وإنما خص حفص الإشباع بهذه الكلمة مبالغة في الوعيد. والعرب تمد للمبالغة مع أن الأصل في هاء الكناية الإشباع {مهاناً} حال أي ذليلاً {إلاّ من تاب} عن الشرك وهو استثناء من الجنس في موضع النصب {وآمن} بمحمد عليه الصلاة والسلام {وعمل عملاً صالحاً} بعد توبته {فأولئك يبدّل الله سيّئاتهم حسناتٍ} أي يوفقهم للمحاسن بعد القبائح أو يمحوها بالتوبة ويثبت مكانها الحسنات الإيمان والطاعة، ولم يرد به أن السيئة بعينها حسنة ولكن المراد ما ذكرنا. {يبدل} مخففاً البرجمي {وكان الله غفوراً} يكفر السيئات {رّحيماً} يبدلها بالحسنات.


{ومن تاب وعمل صالحاً فإنّه يتوب إلى الله متاباً} أي ومن تاب وحقق التوبة بالعمل الصالح فإنه يتوب بذلك إلى الله تعالى متاباً مرضياً عنده مكفراً للخطايا محصلاً للثواب {والذين لا يشهدون الزّور} أي الكذب يعني ينفرون عن محاضر الكذابين ومجالس الخطائين فلا يقربونها تنزهاً عن مخالطة الشر وأهله إذ مشاهدة الباطل شركة فيه، وكذلك النظارة إلى ما لم تسوغه الشريعة هم شركاء فاعليه في الآثام لأن حضورهم ونظرهم دليل على الرضا. وسبب وجود الزيادة فيه وفي مواعظ عيسى عليه السلام: إياكم ومجالسة الخاطئين. أو لا يشهدون شهادة الزور على حذف المضاف. وعن قتادة: المراد مجالس الباطل. وعن ابن الحنفية: لا يشهدون اللهو والغناء. {وإذا مرّوا باللّغو} بالفحش وكل ما ينبغي أن يلغى ويطرح، والمعنى وإذا مروا بأهل اللغو والمشتغلين به {مرّوا كراماً} معرضين أنفسهم عن التلوث به كقوله. {وإذا سمعوا اللَّغْوَ أعرضوا عنه} [القصص: 55] وعن الباقر رضي الله عنه: إذا ذكروا الفروج كنوا عنها {والذين إذا ذكّروا بأيات ربّهم} أي قرئ عليهم القرآن أو وعظوا بالقرآن {لم يخرّوا عليها صمًّا وعمياناً} هذا ليس بنفي الخرور بل هو إثباب له ونفي الصمم والعمى ونحوه (لا يلقاني زيد مسلماً) هو نفي للسلام لا للقاء يعني أنهم إذا ذكروا بها خروا سجداً وبكياً سامعين بآذان واعية مبصرين بعيون واعية لما أمروا ونهوا عنه لا كالمنافقين وأشباههم دليله قوله تعالى: {وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكياً}


{والذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا} (من) للبيان كأنه قيل: هب لنا قرة أعين. ثم بينت القرة وفسرت بقوله من أزواجنا {وذرّيّاتنا} ومعناه أن يجعلهم الله لهم قرة أعين وهو من قولهم (رأيت منك أسداً) أي أنت أسد، أو للابتداء على معنى هب لنا من جهتهم ما تقربه عيوننا من طاعة وصلاح {وذريتنا} أبو عمر وكوفي غير حفص لإرادة الجنس وغيرهم {ذرياتنا} {قرّة أعينٍ} وإنما نكر لأجل تنكير القرة لأن المضاف لا سبيل إلى تنكيره إلا بتنكير المضاف إليه كأنه قال: هب لنا منهم سروراً وفرحاً. وإنما قيل {أعين} على القلة دون (عيون) لأن المراد أعين المتقين وهي قليلة بالإضافة إلى عيون غيرهم قال الله تعالى: {وقليل من عبادى الشكور} [سبأ: 13] ويجوز أن يقال في تنكير {أعين} إنها أعين خاصة وهي أعين المتقين، والمعنى أنهم سألوا ربهم أن يرزقهم أزواجاً وأعقاباً عمالاً لله تعالى يسرون بمكانهم وتقر بهم عيونهم. وقيل: ليس شيء أقر لعين المؤمن من أن يرى زوجته وأولاده مطيعين لله تعالى. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: هو الولد إذا رآه يكتب الفقه {واجعلنا للمتّقين إماماً} أي أئمة يقتدون بنا في الدين فاكتفى بالواحد لدلالته على الجنس ولعدم اللبس، أو واجعل كل واحد منا إماماً. قيل: في الآية ما يدل على أن الرياسة في الدين يجب أن تطلب ويرغب فيها.
{أولئك يجزون الغرفة} أي الغرفات وهي العلالي في الجنة فوحد اقتصاراً على الواحد الدال على الجنس دليله قوله: {وهم في الغرفات آمنون} [سبأ: 37] {بما صبروا} أي بصبرهم على الطاعات وعن الشهوات وعلى أذى الكفار ومجاهدتهم وعلى الفقر وغير ذلك {ويلقّون فيها} {ويلقون} كوفي غير حفص {تحيّةً} دعاء بالتعمير {وسلاماً} ودعاء بالسلامة يعني أن الملائكة يحيونهم ويسلمون عليهم أو يحيي بعضهم بعضاً ويسلم عليه.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10